سورة الأنعام - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}
125- إذا كان أولئك قد ضلوا واهتديتم، فبإرادة الله تعالى وقضائه، فمن يُكْتَب له الهداية يتسع صدره لنور الإسلام، ومن يكتب عليه الضلال يكن صدرُه ضيقاً شديد الضيق، كأنه من الضيق كمن يصعد إلى مكان مرتفع بعيد الارتفاع كالسماء، فتتصاعد أنفاسه ولا يستطيع شيئاً، وبهذا يكتب الله الفساد والخذلان على الذين ليس من شأنهم الإيمان.
126- وهذا الذي بيَّناه هو طريق الحق المستقيم، قد فصَّلناه ووضَّحناه للناس، ولا ينتفع به إلا الذين من شأنهم التذكر وطلب الهداية.
127- ولهؤلاء المتذكرين المؤمنين دار الأمن، وهى الجنة، وهم في ولاية الله ومحبته ونصرته، بسبب ما عملوا في الدنيا من خير.
128- وإذا كان الذين سلكوا صراط الله المستقيم لهم الأمْن وولاية الله، فالذين سلكوا طريق الشيطان لهم جزاء ما ارتكبوا، حين يحشر الجميع يوم القيامة، ويقول- جل جلاله- للآثمين من الجن والإنس: أيها المجتمعون من الجن قد أكثرتم من إغواء الإنس حتى تبعكم منهم عدد كثير!. فيقول الذين اتبعوهم من الإنس: يا خالقنا والقائم علينا، قد انتفع بعضنا ببعض، واستمتعنا بالشهوات، وبلغنا أجلنا الذي حددته لنا. فيقول- جل جلاله-: مقركم النار خالدين فيها إلا مَنْ شاء الله أن ينقذهم ممن لم ينكروا رسالة الله. وإن أفعال الله دائماً على مقتضى الحكمة والعلم.
129- وكما متَّعنا عصاة الإنس والجن بعضهم ببعض، فجعل بعض الظالمين أولياء لبعض بسبب ما يكتسبون من كبائر.


{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133) إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)}
130- والله تعالى يقول لهم يوم القيامة: يا أيها الإنس والجن، لقد جاءتكم الرسل يذكرون لكم الحجج والبينات، ويتلون عليكم الآيات، ويحذرونكم لقاء الله في يومكم هذا، فكيف تكذبون؟ فأجابوا: قد أقررنا على أنفسنا بما ارتكبنا، وقد خدعتهم الحياة الدنيا بمتعها، وأقروا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين.
131- وإن إرسال الرسل منذرين مبينين إنما كان لأن ربك- أيها النبى- لا يهلك القرى بظلمهم وأهلها غافلون عن الحق، بل لا بد أن يبيّن لهم وينذرهم.
132- ولكل عامل خير أو عامل شر درجاته من جزاء ما يعمله، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، والله سبحانه وهو الخالق البارئ غير غافل عما يعملون، بل إن عملهم في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
133- والله ربك هو الغنى عن العباد والعبادة، وهو- وحده- صاحب الرحمة الشاملة، وبمقتضاها أمركم بالخير ونهاكم عن الشر، وهو القادر إن يشأ يذهبكم ويجعل في الأرض خلفاء من بعدكم على حسب مشيئته، وليس ذلك يصعب عليه سبحانه، فقد خلقكم من ذرية آخرين سبقوكم، وكنتم وارثين الأرض من بعدهم.
134- وإن الذي ينذركم به من عقاب، ويبشركم به من ثواب بعد البعث والجمع والحساب آتٍ لا محالة، وما أنتم بمعجزين من يطلبكم يومئذ، فلا قدرة لكم على الامتناع عن الجمع والحساب.
135- قل- أيها النبى- لهم مهدِّدا: اعملوا على النحو الذي اخترتموه بكل ما في قدرتكم، وإنى عامل في ناحية الحق، وستعلمون حتماً من تكون له العاقبة الحسنة في الدار الآخرة، وهى لأهل الحق لا محالة، لأنكم ظالمون والله تعالى لم يكتب الفوز للظالمين.


{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)}
136- المشركون الذين يعبدون الأوثان في أوهام مستمرة، فهم يجعلون مما خلق الله تعالى وأنشأه من الزرع ومن الإبل والبقر والغنم، جزءاً لله تعالى ينفقونه على الضيفان والمحتاجين، وجزءاً آخر ينفقونه على خدمة الأوثان التي جعلوها شركاء لله تعالى بزعمهم، فما يجعلونه للأوثان يصل إلى أوثانهم فينفقونه عليها، وما يجعلونه لله بزعمهم لا يصل شى منه إلى الضيفان والفقراء، وما أسوأ حكمهم الظالم، لأنهم جعلوا الأوثان نظراء لخالق الحرث والنسل، ولأنهم لا ينفقون ما جعلوه لله في مصارفه.
137- وكما زيَّنَتْ لهم أوهامهم تلك القسمة الظالمة لما خلق الله من حرث وإبل وبقر وغنم، قد زيَّنَتْ لهم أوهامهم في الأوثان التي زعموها شركاء لله قتْل أولادهم عند الولادة، وأن يُنذروا لآلهتهم ذبح أولادهم، وإن تلك الأوهام تُرديهم وتخلط عليهم أمر الدين، فلا يدركونه على وجهه، وإذا كانت الأوهام لها ذلك السلطان على عقولهم، فاتركهم وما يفترونه على الله تعالى وعليك وسينالون عقاب ما يفترون، وتلك مشيئة الله، فلو شاء ما فعلوا.
138- ومن أوهامهم أنهم يقولون: هذه إبل وبقر وغنم وزرع ممنوعة، لا يأكلها أحد إلا من يشاءون من خَدَمَة الأوثان، وذلك من زعمهم الباطل، لا من عند الله. وقالوا أيضاً: هذه إبل حُرِّمت ظهورها فلا يركبها أحد، وهم مع ذلك لا يذكرون اسم الله تعالى عند ذبح ما يذبحون من إبل وبقر وغنم، وذلك لكذبهم على الله تعالى بشركهم، والله تعالى سيجزيهم بالعذاب في الآخرة، بسبب افترائهم وتحريمهم ما يُحرِّمون من غير تحريم الله تعالى.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13